أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط
  • ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟
    الإثنين, 23 يناير 2012
    بدرية البشر

    تثير ظاهرة السعوديين السياح الفضول والمراقبة في معظم البلدان التي يأتون إليها، وقد يكون السبب أننا أكثر دول الخليج كثافة عددية، وربما لأنه الأكثر بعداً عن الظهور في الشارع العام وبالتالي الأكثر إثارة للفضول، وربما لأنهم أكثر هذه الدول التي تخرج بتناقضاتها بين الداخل والخارج. ها هي عطلة الربيع جاءت لتعيد إلى أذهاننا السؤال الذي يثيره خروج السعوديين من بلادهم سائحين في بلاد الله: «ماذا يفعل السعوديون حين يسافرون؟».

    في دبي أعلنت بعض الإحصاءات أن 40 في المئة من السياح الذين خرجوا من السعودية جاؤوا إلى دبي، وبلغ عددهم في رواية قرابة الـ400 ألف سائح، وفي رواية أخرى قاربت 900 ألف، وفي الحالتين يعتبر هذا الرقم عدداً كبيراً في مدينة صغيرة مثل دبي جعلت نسبة إشغال الفنادق والشقق السكنية تبلغ 100 في المئة، وتجعل السياح السعوديين ملحوظين أينما ذهبوا.

    حين توقفت عند مقهى في مركز دبي للتسوّق التقيت سيدة سعودية تشتري مثلي كأس قهوة على عجل، فقالت لي وهي تشير إلى طاولات القهوة المكتظة انظري هؤلاء هم السعوديون الذين يرفضون الاختلاط، إلى أي حد يختلطون. كانت الطاولات متقاربة بلا حواجز، نظرت فوجدت جماعة رجال ملتحين يجلسون وينغمسون في أحاديث حميمية سعداء بلقائهم وحديثهم، والى طاولات أخرى نساء أخريات منقبات ومحجبات يتسلين بشرب القهوة والحديث. ثم أنظر فأجد أطفالاً تحت شرفة حلقة التزلّج. يتزلجون بأحذيتهم على سطح الجليد، وآباؤهم وأمهاتهم يراقبونهم ويلتقطون لهم الصور في سعادة بالغة. نساء هنا وهناك بصحبة أزواجهن يتسوقون، وهناك في ركن الطعام يأكلون طعامهم، وربما أنها من المرات النادرة التي تعيش بعض العائلات السعودية طقس اجتماع العائلة، الأب يجلس مع أبنائه وزوجته على مهل، يتعرف إليهم، ماذا يحبون، بماذا يتميزون، يستمع طرائفهم ونوادرهم، ويلتفت إلى تعليقات زوجته بعيداً عن المطبخ وغرفة التلفزيون.

    لماذا يعتبر السعوديون أن قضاء وقت في مركز التسوّق بحد ذاته سياحة؟ ولماذا يعد هذا طقساً جديداً عليهم؟ لأنهم يكتشفون بكل بساطة أن الحواجز تسقط بينهم، ليس فقط الحواجز النفسية بل المكانية، ويصبحون في طابق واحد وليس في طابقين، لا حواجز تعزل أحداً عن الآخر، الرجال عن النساء، والشباب عن العائلات، والعائلات عن الرجال.

    نكتشف أننا مجتمع من طابقين، ليس فقط في الحيّز المكاني بل في الحيّز العقلي، فنجعل من ممارسات تجوز خارج البلاد وممارسات لا تجوز داخل البلاد، وكل ذلك للأسف لأننا نضع أنفسنا في تقدير منخفض من الثقة والفهم والوعي، فشبابنا قليل التهذيب صعب الانضباط في بلادنا، مهذب ومنضبط في الخارج، نساؤنا قادرات خارج بلادنا عاجزات في بلادنا، فتياتنا فطنات خارج بلادنا قليلات الحيلة محتاجات للحماية داخلها، ولهذا، نحن سعداء في الخارج مكتئبون في الداخل، وهذه كلها بالطبع افتراضات غير دقيقة.

    ليس لي مثال يفسّر سبب كوننا مجتمعاً من طابقين سوى مثال حكته لي صديقة القهوة، تقول إن ابن أختها الصغير سألها حائراً: أي جواب يختار، فالمعلم يضع ثلاثة خيارات عن حكم سماع الأغاني؟ هي جائز ومكروه وحرام. والمعلم لا يعطيه علامة كاملة إلا على جواب واحد فقط هو حرام، بينما هو يعرف أن الأغاني تدخل في حكم متعدد بين الجائز والمكروه والحرام. قالت له خالته الحكيمة ضع حراماً كما يريد الأستاذ ولو اعتقدت غيره.

    ليس هناك في الداخل غير جواب واحد، وحين نخرج فإن للحياة أحكاماً متعددة، وكلٌّ له الخيار على ما يطيق الصبر عليه. لهذا نشاهد شيخاً يجلس بصحبة عائلته في قهوة في دبي مطمئناً، لكنه لا يقوى على قول هذا في مدينته لأنه من الحرام. ضع دائماً الجواب الذي يرضى عنه الأستاذ ومارس ما تريد خارج البلاد، لهذا يأتي كثير من الممارسات متطرفاً لأنها ممارسات خارج التجربة وخارج الاختبار.

    لهذا سنظل مجتمعاً من طابقين وعقلاً من طابقين، ولن نعرف أبداً سماحة التعدد والاختلاف ولا حميمية الجلوس مع العائلة، وستبقى عطلنا في مدننا عابسة.

    [email protected]

أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط

تعليقات

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

الكاتبه لم تتحدث عن الجيوش المغادره لدبي
لأجل المتعة
وربما المشروبات … ثم إن ثقافة السياحة ليس لها أبدا أي أرتباط بفقد الشي بل هي متعة تكون بتغير المكان لأي بلد كان حتى لو توفر في البلد الأم كل شيء
وإلا ماهو تفسير توجه السياح الأوربيون مثلا لبلدان العالم المختلفه بل حتى للفقيره كالأفريقية أكيد يمكن فاقدين الإجتماع الأسري …يمكن

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

مقالات هادفة وأكثر من رائعة وفقك الله.

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

بغض النظر عن كون وجهة نظر الكاتبة خاطئة أو لا ، أنا أكثر ما يزعجني في الموضوع أننا كسعوديين نبالغ في نقد أنفسنا إلى درجة أخشى أن نفقد احترامنا لأنفسنا أو احترام الآخرين ، أعتقد أنه لو عمل إحصاء لأكثر شعب ينتقد نفسه لكنا في المقدمة بدون منافس ، أنا لست مع عدم الإعتراف بالأخطاء ، لكني ضد “جلد الذات” بمناسبة وبغير مناسبة!!!

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

صراحة دبي تستاهل وتوني جاي منها مع العائلة وقبل بداية الاجازة عشان الزحمة وصراحة آخر انبساط للعائة وللاطفال في دبي
تحيتي

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

استغرب من الكاتبة الموقرة ان المقال فقط ذكرت الملتحين .. لا أعلم ماهو السبب لذكرها هذه الشريحة فقط !!!
ايتها الكاتبة الكريمة لماذا لا تنظرين ماذا يفعل غير الملتحين في دبي وغيرها من الدول الاخرى ,
كاتبتي الكريمة :
اجعلي من كتاباتك هدف جليل وليس حربًا بلا فائدة ..

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

يجب إنشاء هيئة تراقب أفعال الملتحين في الخارج

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

مرحباً: بعيداً عن الحلال والحرام فإن هذا هو واقعنا بكافة الشرائح والطبقات المجتمعيه وبكل الاماكن مهما انكر المنكرون مع الاسف …والله يستر

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

معقوله ايتها الكاتبه ان هذه هي الاسباب الحقيقيه للذهاب الى دبي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

(المعلم يضع ثلاثة خيارات عن حكم سماع الأغاني؟ هي جائز ومكروه وحرام. والمعلم لا يعطيه علامة كاملة إلا على جواب واحد فقط هو حرام)

فالخلاف بين العلماء في حكم الاغاني هنا على الاغاني القديمه التي هي اقرب لاغاني معهد الموسيقى العربيه وليست اغاني هذا الزمن

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

صحيح ماذا يفعل بعض السعوديين في دبي

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

الوصاية المفروضة على المواطن من الموسسة الدينية هي السبب , اليوم في احد الصحف المحلية مقال عن اعضاء الهيئة اعتقلوا اسيويين واقتادوهم للمركز لاخذ تعهد عليهم لانهم لم يؤدوا الصلاة جماعة في المسجد , اصبح المواطن يخاف ويشعر انة مراقب في حركاتة

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

من الافضل عدم ربط كل التصرفات ووزنها بميزان الحلال والحرام فهناك عادات وتقاليد تقيد الاشخاص داخل مجتماعاتهم فنجد ان هناك تصرفات لا نستطيع فعلها داخل البلد وهي مباحة شرعا ولكن خارج البلد نستطيع لاننا تعودنا على ذلك ونراها من قلة الحياء ومنذ نعومة أظفارنا نرى ونسمع ان هذا التصرف غير لائق لاننا نعيش في مجتماعات هوايتها تقييد أحوال الناس

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

لأننا ببساطة مجتمع أسلامي محافظ.
نتبع القرآن والسنة وليس الدول المجاورة او أهوائنا.
أيضا الأختلاط في الأسواق أمر طبيعي ويحصل عندنا أيضا.
أنما الغريب هو التبرج والسفور في الدول المجاورة.
نفخر أن نكون البلد الوحيد المحافظ . وعلى كلا وجود أختلاط أو عدمه لايلعب دورا كبيرا في تطور البلد.

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

فجائتني أحدا الفتيات الأمريكيات بتشبيه الرياض بصنعاء!!بسبب قلة الأماكن السياحيه والتحجير ع الناس وعقليات البشر وكانت تبدي لي استغرابها أن في الرياض حتئ في الإعياد لأيحتفلون الناس فالشوارع ولا تشوف مظاهر العيد عندنا كل شي ممنوع كل شي حرام عندنا وكانت تستدل على كلامها بأنه صحيح أن نص شعبنا في دبي وقطر والبحرين

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

هذا قدرنا – ومن كثر تضييقنا على أنفسنا , أصبحنا نرى في الأمر العادي (حرية – انفتاحا – تنفس هواء عليلا )!

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

اختي الفاضلة
شكراعلي المقال .لقد اختار الناس التناقض لكي يحافضو علي العادات و التقاليد وليس من منضور ديني و لو طبقو الدين لوجدو ليس هناك تعارض لدين في دلك.
شكرا و بارك اللة فيكي
اخوك هلال المهندي

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

النسبه المذكوره لا تمثل السعودين كلهم ؟
وإن كنتي في دبي تعالي الى المدينه وشاهدي المسلمات وهن يصلين دون حدود ولا قيود !

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

لكل شعب ثقافته وعاداته ياستاذتي الفاضله الارادة محصوره بين الثقافه والعادده ومدينة دبي ليس المثال الذي يحتذى به .

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

لنفعل ما يريده الاستاذ.
و لنمارس ما نريده خارج المدرسة.

دمتي بخير. سيدتي

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

سبحان الله تكلمتي عن واقع مليون سعودي ا لباقي 24 ميلون سعودي محتشمون في بلادهم وديارهم،

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

الكاتبه هنا تكلمت عن الملتحين والمتنقبات والمحافظات على حجابهن
هي تطرقت الى أنه ماالمانع مع أنني محافظه ومنقبه أستمتع بالجو الأسري المفقود

ربما – ماذا يفعل السعوديون في دبي؟

مقاربة ذكية، وتحليل موفق..
لماذا هذه الشيزوفرينيا في النظر للأشياء؟
أم هل عـلى السعـودي أن يتغـرّب كي يعـود للمنطق!

اضف تعليق

بريدك الإلكتروني لن يظهر علناً احتراماً للخصوصية