بيروت
°22 م
°21 م
مشمس
لندن
°21 م
°11 م
زخات مطر
الرياض
°40 م
°26 م
مشمس
 
Dow Jones Industr(10340.7)
NASDAQ Composite(2805.28)
FTSE 100(5795.2)
^CASE30(0)
USD to EUR(0.7643)
USD to GBP(0.6377)
أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط
  • خط جديد للزلازل
    الخميس, 26 يناير 2012
    غسان شربل

    كبرنا في ظل خط الزلازل. وعلى دوي النزاع العربي – الإسرائيلي. وكنا نسمع عن القضية المركزية. إذا ألقى الحاكم خطاباً. وإذا حاولت حكومة تبرير عجزها. وحاول حزب تغطية نكوصه بوعوده. وكان التلفزيون الرسمي يمطرنا بمداخلات عن القضية المركزية. وكانت الإذاعة تشرب من النبع نفسه. وكانت الصحف الرسمية تدبج المقالات الطويلة عن القضية.

    إذا سأل المواطن عن الخبز الصعب اتهموه بالتهاون في القضية المركزية والسعي إلى التلاعب بالأولويات. وإذا تساءل عن تزوير الانتخابات اتهموه بإضعاف معنويات الأمة. وإذا قال إن الديموقراطية لا تتعارض مع العمل من اجل القضية المركزية شلحوه في السجن أو دفعوه إلى رحلة بلا عودة.

    باسم القضية المركزية قامت انقلابات وسمت نفسها ثورات. أقام حكام واستبدوا. اخترعوا حزباً وأرغموا الناس على مبايعته. أموال التنمية أنفقت على جيوش غالباً ما تعود خاسرة من معارك القضية. وضعت سلامة القضية في تصرف أجهزة الاستخبارات. بدلاً من تطوير البنية التحتية تم تطوير أساليب التعذيب. خائن من لا يصفق بحرارة. خائن من يطلق نصف ابتسامة. خائن من يسأل عن عمر القائد. وموعد انتهاء ولايته. وما فعله في التنمية. أو التعليم . أو الصحة. أو الحريات. المعيار الوحيد هو الموقف المشرف من القضية. كل انتقاد هو من صنيعة الأجنبي. كل اعتراض تقف وراءه أجندات خارجية تتربص بالوطن وتحاول أن تعاقبه على موقفه الصلب في القضية المركزية.

    في ظل التغطي بالقضية المركزية كانت الأنظمة تغطي مشكلات بلدانها. كأن عدم الاعتراف بالمرض يكفي لمعالجته. وفي غياب مفهوم المواطنة والحقوق الأساسية راحت الأمراض المكبوتة تزداد التهاباً وحدّة. وساهم الخوف من الآخر المشكوك في ولائه في ترسيخ سياسات تقوم على التهميش والإكراه. دفعنا باهظاً ثمن التغطي بالقضية ثم اكتشفنا أنها لم تكن القضية لدى من حكموا باسمها وتسلطوا.

    كبرنا في ظل خط الزلازل القديم. وها نحن نشهد للأسف ولادة خط جديد يخترق مجتمعاتنا ودولنا ويهدد استقرارها ووحدتها. إنه وبلا لف أو دوران خط الزلال الشيعي – السني الذي تتحرك على وقعه مجموعة دول. ببراءة أو سذاجة أردنا أن نصدق أن الفتنة السنية – الشيعية في العراق مجرد كذبة اخترعها الاحتلال وسترحل برحيله. وتوهمنا أن صناديق الاقتراع ستحل المشكلة. ثم اكتشفنا أن عمليات التصويت كانت في غالبها مذهبية وكأن الانتخابات فصل من الحرب الأهلية يمارس عبر الصناديق. رحل الاحتلال وأقامت الفتنة. ومن طبيعة الفتنة تصدير النار واستدراج الجيران إلى مسرحها. لا يحتاج الأمر إلى شرح طويل. يضيق صدر المالكي بتصريح لأردوغان ويعتبره تدخلاً سافراً ولا يضيق صدره بالرعاية الإيرانية التفصيلية لليوميات العراقية. تمزق النسيج العراقي واحتلت بلاد الرافدين موقعها على خط الزلازل الجديد.

    الأزمة الطاحنة في سورية تتضاعف خطورتها من موقعها على خط الزلازل الجديد. يكفي أن نشاهد كيف ينقسم العراقيون حول المشهد السوري. الانقسام مذهبي بامتياز. ويكفي أن نشاهد كيف ينقسم اللبنانيون حياله. لا أقصد القول إن ما يجري في سورية هو مجرد نزاع مذهبي. لكن لا بد من الاعتراف أن الأزمة سارعت إلى الارتباط بخط الزلازل الجديد. لبنان ليس بعيداً عن هذا الخط. هو الآخر حجز موقعه عليه. وكما يسأل السنة العراقيون عن موقعهم في العراق الجديد يسأل السنة اللبنانيون عن موقعهم في بلد صار «حزب الله» اللاعب الأقوى في صناعة حاضره وربما مستقبله. الأزمة التي تعيشها البحرين تتعلق هي الأخرى في جانب منها بخط الزلازل الجديد. وتسمع في اكثر من عاصمة أن نجاح إيران في التحول مرجعية سياسية ودينية لكثير من الشيعة العرب ينذر بالحاق بلدان كثيرة بخط الزلازل الجديد.

    كان خط الزلازل القديم مقيماً على خطوط التماس العربية – الإسرائيلية. يقيم الخط الجديد داخل عواصم وأحياء. يهدّد بضرب الاستقرار والوحدة وبفتنة مدمرة طويلة. على الدول المعنية أن تتبصر طويلاً في العلاج خصوصاً إذا اختارت إيران دفع سياسة المجازفة إلى مرحلة اللاعودة.

أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط

تعليقات

خط جديد للزلازل

الأستاذ غسان شربل أنا من المتابعين بالمقالات التي تقوم بنشرها على جريدة الحياة وأشعر إنها تعبر عن ضمير كل مواطن عربي حريص على أمته ويتطلع الى تسير بالاتجاه الصحيح , وأود فقط أن ألفت عنياتكم بأننا نتمنى أن تتحقق الديمقراطية في العراق كما هو حاصل في العالم, ولكن كيف يتحول السنة العرب الى أقلية قليلة. هل أطلعوا على كتاب حنا بطاطو وهو أميركي من أصل فلسطيني وهو مفكر مسيحي , بيّن أن نسبة السنة العرب في العراق هو 35% وغيرها كثير من الاحصائيات التي تزيد عن هذه النسبة , ما عدا ما ورد عن أديب الفكيكي وهو رجل شيعي والذي بيّن أن نسبة السنة العرب في العراق 20% , وطالما نظام الحكم بني على المحاصصة شئنا أم أبينا أليس من العدالة القيام بإحصاء عام لمكونات الطيف العراقي وليس عيبا أن تجري الأمم المتحدة هذا الأحصاء لنقف على الحقيقة وليس على الأقوال والتصريحات التي غالبا ما تكون وراءها دوافع معينة لصالح طرف معين

خط جديد للزلازل

معجب منذ زمن طويل بمقالات غسان ولكن هذا المقال في الصميم وخاصة لمن يريد دفن رأسه بالتراب ويدعي بعدم وجود خلفيات وعواقب طائفية للأزمات في سوريا ولبنان والعراق والبحرين خاصة … جملة لوليد المعلم لفتت انتباهي حول البيوت الزجاجية التي تركها المستعمر بدولنا وهو يهدد بإذكاء نار المذهبية بذلك بشكل غير مباشر

اضف تعليق

بريدك الإلكتروني لن يظهر علناً احتراماً للخصوصية