بيروت
°22 م
°21 م
مشمس
لندن
°21 م
°11 م
زخات مطر
الرياض
°40 م
°26 م
مشمس
 
Dow Jones Industr(10340.7)
NASDAQ Composite(2848.27)
FTSE 100(5784)
^CASE30(0)
USD to EUR(0.7589)
USD to GBP(0.6317)
أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط
  • إسلام أميركي… و «قرصة العقرب» !
    الإثنين, 30 يناير 2012
    عبدالسلام اليمني

    رواية وواقعة؛ لأميركيين، أحدهما مقيم منذ فترة طويلة في مدينة الرياض، والآخر مهندس كان يعمل في إحدى المنشآت في المنطقة الشرقية، الرواية والواقعة لهما دلالات عميقة على ما مررنا به ولا نزال كمجتمع يكافح من أجل اقتحام عالم التحضر والمدنية والدخول لمصاف العالم الأول.

    تتحدث الرواية عن أميركي أقام في مدينة الرياض سنوات طويلة، أُجريت معه مقابلة صحافية ذكر فيها أنه اعتنق الدين الإسلامي؛ وبعد إلحاح السائل عن الأسباب التي ساقته لاعتناق الإسلام ذكر عدداً منها، لكنه أكد على سبب كان بالنسبة له الدافع الأكبر والمهم الذي غيَّر مجرى حياته في المعتقد والإيمان، وقال – وحديثه قبل تطبيق مشروع ساهر -: «إنه عاش في مدينة الرياض سنوات طويلة وعايش نموها وتطورها، لكنه يصاب بالذهول والحيرة كلما قاد سيارته في شوارعها؛ المركبات بمختلف أنواعها وأحجامها تتحرك في الشوارع والطرقات بشكل يثير الدهشة، فالالتزام بالنظام مفقود مفقود، وقطع الإشارات، واقتحام الأرصفة موجود موجود، وسرعة المركبات في الشوارع والطرقات أشبه بمعارك حربية».

    عندما واجهته سيارة تسير بسرعة هائلة ومعاكسة للاتجاه، ولم يحدث من جراء ذلك مكروه لعشرات السيارات التي كانت تتحرك من أمام وخلف سيارته، وذكر أن قلبه في تلك اللحظة سقط بين رجليه خوفاً ورعباً، وبعد عودته للمنزل قرر البحث فوراً عن أقرب موقع لمكتب دعوة يستقبل غير المسلمين لإشهار إسلامهم، ولم يأتِ مغرب ذلك اليوم إلا وقد نطق بالشهادتين.

    وسأله الصحافي هل كان الدافع من وراء ذلك أنه يريد أن يسلك مسلكاً مشابهاً ويبتغي من وراء إسلامه تجنب العقوبة، أجاب بالنفي القاطع وقال: «إن هذه الأمة التي تتحرك في هذه المدينة وبدرجة عالية من الفوضى المرورية، وعدم الاكتراث بالأنظمة والتعرض للمخاطر اليومية، ولا تزال تعيش وتخطط للمستقبل، إنها أمة محفوظة برعاية قوة إلهية، لا يمكن أن تكون الصورة التي أعيشها وأعايشها يومياً إعتيادية، أو تندرج في سياق نواميس الطبيعة!».

    تعمق أخونا الأميركي في ثقافة المجتمع وسلوكياته أكثر فأكثر، وازداد يقينه الإيماني بعد أن انكشف له الغطاء عن كيفية إدارتنا للاقتصاد والمشاريع، وتجارة العمالة الوافدة، وأسواق تعج بالبضائع من كل حدب وصوب من دون رقابة ومطابقة قياسية، وتابع بحرص واهتمام قصة صراعنا مع مجاري السيول وأنابيب الصرف الصحي، واندهش من عدم وجود خريطة لكل مدينة محدد عليها بدقة اتجاه جريان السيول، وقوانين سيادية صارمة ضد من يحاول العبث بها؛ ولا يزال يبحث عن إجابة لسؤال ظل يؤرقه، ما خطة هذه البلاد بعد نضوب البترول، ولماذا لا يبدؤون في تنفيذ خطة اقتصاد المعرفة؟ وكأنه لا يعلم أن التفكير الإستراتيجي في التخطيط للمستقبل داخل أروقة وزارة الاقتصاد والتخطيط يحمل شعار «إيش غداكم، إيش عشاكم»!

    أما واقعة المهندس الأميركي الذي عمل بإحدى المنشآت البعيدة نسبياً من مدينة الدمام، فكان يرأس طاقماً من المهندسين، سعوديين ومقيمين، لإدارة إحدى المنشآت، وقد أُنشئ بالقرب من المشروع مصلى لأداء الصلوات فيه، وبعد فراغ المصلين من صلاة مغرب ذات يوم، تعرض مهندس سعودي لقرصة عقرب استوطنت أثناء أداء الصلاة داخل حذائه، فانطلقت الصيحة المعتادة «هاتوه ردوه، جيبوه، ودوه»، واستفاق المهندس الأميركي على الحراك الصيحوي، وحضر مسرعاً إلى المكان، وعرف من الموجودين خارج المصلى تفاصيل ما حدث، ثم عاد إلى مقر سكنه بعد أن اطمأن على سلامة المهندس المقروص.

    وفي صباح اليوم التالي انشغل المهندس الأميركي بإعداد لوحة دَوّن عليها اشتراطات السلامة من لدغة العقارب، وكان من ضمنها أسلوب فحص الحذاء قبل لبسه للتأكد من خلوه من الدواب، وعلق اللوحة في المكان الذي توضع فيه الأحذية خارج المصلى، وأصبح الجميع يطبق إجراءات فحص الأحذية بعد الفراغ من أداء الصلوات، ولم يحدث بعدها قرصة ولا لدغة بحمد الله، بل تم اكتشاف عدد من حالات وجود عقارب في الأحذية وقُضي عليها من دون وقوع أضرار!

    ليس الأمر غريباً أن يتصرف صديقنا الأميركي بهذه الطريقة، لأنها جزء من تعليمه وثقافته، وعندما تحضر اجتماعاً في أميركا يستهل رئيس الاجتماع الحديث بالتنبيه لمخرج الطوارئ من قاعدة الاجتماع ومن المبنى، أما في ثقافتنا العربية الأصيلة فتدخل لمقر عملك وتتردد عليه عشرات السنين، وأنت لا تعرف إلا الأبواب الرئيسة والمصاعد، وإذا وقعت حادثة حريق أو خلافه تدافع الناس في منظر يعيدك لصورة القرون الوسطى!

    انقلوا عني أيها السادة والسيدات؛ إننا بحاجة ماسة عاجلة غير آجلة إلى برنامج مَسْحِي لجميع منشآتنا داخل المدن وخارجها لكتابة اشتراطات الأمن والسلامة ومخارج الطوارئ في جميع أركانها وفق الاشتراطات الدولية المتعارف عليها، وأن يُشترط التطبيق الإلزامي الدوري للتدريب العملي لأصول وإجراءات الأمن والسلامة والطوارئ على جميع العاملين في مختلف المنشآت العامة والخاصة، وأن يتم ترسيخها لتكون جزءاً من ثقافتنا وسياسة التعليم والتدريب؛ اعقلوها وتوكلوا على الله سبحانه وتعالى.

    * كاتب سعودي.

    [email protected]

    twitter | @alyemnia

أرسل إلى صديق تعليق
تصغير الخط تكبير الخط

تعليقات

إسلام أميركي… و «قرصة العقرب» !

الفوضى الخلاقة تدخلهم للأسلام .

اضف تعليق

بريدك الإلكتروني لن يظهر علناً احتراماً للخصوصية